الضمائر بها التي لا تتصل إلا بالأفعال ، كقولك : لست ولسنا ولستم والقوم ليسوا قائمين.
وأما" ما زال" فما للنفي و" زال" للنّفي فصار المعنى بدخول النّفي على النّفي إيجابا فإذا قلت : " ما زال زيد قائما" و" لم يزل بكر منطلقا" و" لا يزال أخوك في الدّار" فقد أوجبت ذلك كلّه بنفي النفي. ولا تستعمل" زال" إلا مع حروف النفي ؛ لو قلت : " زال زيد منطلقا" لم يجز ، ولو قلت : " ما زال زيد إلا منطلقا" لم يجز ؛ لأنّك لمّا أدخلت" إلا" انتقض معنى" ما" فصار تقديره : " زال زيد منطلقا" وهذا لا يجوز.
وأما قوله : " ما دام زيد منطلقا" فليست" ما" هاهنا مثلها في قولك : " ما زال زيد منطلقا" ؛ لأنّ" ما" في" ما زال" للنفي ، و" ما" هاهنا مع بعدها من الفعل في موضع مصدر يراد به الزّمان ، وذلك أنّك إذا قلت : " أنا أقوم هاهنا ما دام زيد قاعدا" فمعناه : " أقوم هاهنا دوام زيد قاعدا" ، وتريد بالدوام : وقت الدّوام ؛ تقول : " جئتك مقدم الحاجّ" ، تريد وقت مقدم الحاج. ولو قلت : " ما دام زيد قائما" من غير أن يكون معه كلام ، لم يجز ؛ لأنه في معنى ظرف من الزّمان ، فيحتاج إلى ما يقع فيه. ولو قلت : " ما زال زيد قائما" كان كلاما تامّا ، ولا يستعمل" ما دام" إلا بلفظ" ما" ؛ لأنّ" ما" وما بعدها بمعنى المصدر. و" ما زال" يجعل مكان" ما" حروف النفي فيقال : " لم يزل" و" لا يزال" ولن يزال".
وقد يقتصر في بعض هذه الأفعال على الفاعل ، كقولك : " أصبح الرجل" و" أمسى زيد" و" أضحى بكر" أي دخل في هذا الوقت ، كما يقال : " أظهر الرجل" أي دخل في وقت الظّهر ، ويقال : " دام الرّجل على فعل كذا" و" دام الرّخص بحمد الله تعالى".
وكل هذه الأفعال يستعمل فيها الماضي والمستقبل إلا" ليس" و" ما دام" فإنّ" ليس" ليس لها مستقبل ، و" ما دام" إذا جعلت في مذهب" كان" في جعل الاسم والخبر لها ، تقول : " آتيك ما دام زيد صاحبك" ، ولا يقال : ما يدوم زيد صاحبك ؛ وذلك أن قولك : " ما دام" ليس لها إلا طريقة واحدة ، فاختير له بناء واحد ، وإنما يستعمله القائل فيما قد وقع ويشترط اتّصاله ودوامه ، والفعل الذي يقع على" ما دام" مستقبل أبدا.
وهذه الأفعال إذا كانت مقدّرا دخولها على اسم وخبر لم يجز الاقتصار على الاسم دون الخبر ، ولا على الخبر دون الاسم ، كما لم يجز الاقتصار على المفعول الأوّل في" ظننت" ولا على الثاني. وقد بيّنا ذلك فيما مضى.
وذكر سيبويه من جملة هذه الأفعال : كان ، ويكون ، وصار ، وما دام ، وليس ، ثم قال