بعقب ذلك : " وما كان نحوهنّ من الفعل مما لا يستغني عن الخبر". وقد ذكرنا جملة ذلك.
ويلحق به : " ما فتئ" وهو بمعنى : " ما زال" ، وكذلك : " ما انفكّ" ، ولا يستعملان إلا في النّفي ، كقولك : " ما فتيء زيد قائما" و" لا يفتأ منطلقا" و" ما انفكّ ذاهبا" و" لا ينفّكّ منطلقا" ، ويلحقون به أيضا : " طفق" ، تقول : " طفق زيد يفعل كذا" كما تقول : " ظلّ يفعل كذا" و" بات باللّيل يفعل كذا" غير أنّ" ظل" بالنهار ، و" بات" بالليل ، و" طفق" تصلح بالنهار والليل.
ثم مثل سيبويه فقال : " تقول : كان عبد الله أخاك" ، فإنّما أردت أن تخبر عن الأخوّة وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى ، وذكرت الأوّل كما ذكرت المفعول الأول في" ظننت".
يعني أن الفائدة في قولك : " كان عبد الله أخاك" الإخبار عن الأخوّة ، وكذلك الفائدة في كل اسم وخبر في الخبر دون الاسم.
وقوله : " أدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى" ، يعني أنّ كان دلت أن الفائدة المستفادة بالخبر فيما مضى من الزّمان ، وذكرت الاسم لتعلم أنه صاحب هذه الفائدة ، كما ذكرت المفعول الأوّل في باب" ظننت".
ثم قال : " وإن شئت قلت : كان أخاك عبد الله ، وقدّمت وأخّرت ، كما فعلت ذلك في : ضرب ، لأنه فعل مثله".
يعني أنّ تقديم المنصوب في هذه الأفعال كتقديم المفعول. فجاز أن تقول : " كان أخاك عبد الله" كما جاز" ضرب أخاك عبد الله" و" أخاك كان عبد الله" كما تقول : " أخاك ضرب عبد الله". ويجوز ذلك في سائر أفعال هذا الباب.
فأما" ما زال" و" ما فتيء" و" ما دام" فلا يجوز تقديم الأسماء على" ما" فيهنّ ، وذلك أن (ما) في" ما زال" و" ما فتيء" و" ما انفكّ" للنّفي ، ولا يجوز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها فلا يجوز أن تقول : " زيدا ما ضرب عمرو" وأنت تريد : " ما ضرب عمرو زيدا" وقد كان أبو الحسن بن كيسان يجيز : " قائما ما زال زيد". وقد بيّنّا فساد ذلك.
ويجوز في" لا" و" لم" تقديم الخبر ، فتقول : " قائما لم يزل زيد" و" قائما لا يزال زيد" كما يجوز أن تقول : " زيدا لم يضرب عمرو" و" زيدا لا تضرب".