ولا تنصبه بأرأيت ، فلما لم يجز ذلك وجب نصبه" بأرأيت" ، لأن الفعل الذي بعد الاستفهام لا يحمل عليه ، وجب رفعه بالابتداء ؛ لأن الفعل الذي بعد الاستفهام لا يتسلط عليه.
وقوله : (لأنك إنما تجيء بالاستفهام بعد ما تفرغ من الابتداء).
يعني : أن الاستفهام في موضع خبر الابتداء ؛ لأنه جملة قائمة بنفسها جعلت في موضع الخبر.
قال : (ولو أرادوا الإعمال لما ابتدأوا بالاسم ؛ ألا ترى أنك تقول : " زيد هذا أعمرو ضربه أم بشر" ولا تقول : " عمرا أضربت" ، فكما لا يجوز هذا لا يجوز ذلك).
يعني : أنهم لو أرادوا إعمال الفعل في الاسم ، لما قدموا الاسم على حرف الاستفهام ، ولأخّروه ، فقالوا : " كم مرة زيدا ضربت" ؛ ألا ترى أنك تقول : " زيد عمرو ضربته أم بشر" ، إذا أردت أن تجعل" زيدا" مبتدأ. وإن أردت أن تعمل فيه الفعل ، قلت : " أعمرا ضربت زيدا أم بشر".
وتقول : " أعمرا ضربت" ، ولا تقول : " عمرا أضربت" ، فكما لا يجوز عمرا أضربت لم تجز المسائل التي ذكرناها أولا ، وهي : " أزيدا كم مرة رأيته" ، و" أرأيت زيدا كم ضرب".
قال : (فحرف الاستفهام لا يفصل به بين العامل والمعمول فيه ، ثم يكون على حاله إذا جاءت الألف أولا ، وإنما يدخل على الخبر).
يعني أن ألف الاستفهام إذا كانت أولا نصبت الاسم ، فقلت : " أزيدا ضربته" ، فإذا قدمت" زيدا" على الألف لم يجز أن تنصب" زيدا" ؛ لأن الألف حالت بينه وبين الفعل ولكن ترفعه بالابتداء ، وتجعل الألف وما بعدها في موضع الخبر.
قال : (ومما لا يكون إلا رفعا قولك : " أأخواك اللذان رأيت" لأن" رأيت" صلة" اللذين" وبه يتم اسما ، فكأنك قلت : " أأخواك صاحبانا").
يعني : أن" الأخوين" ، لا يجوز نصبهما حملا على الفعل الذي بعد" اللذين" ؛ لأن