فيفتضحوا في محفل القيامة ويستوفي منهم جزاء ما كلّفوا به فقصّروا فيه بالعقاب الأليم لا جرم ظهر معنى كونهم شهداءالله على خلقه.
قوله عليه السلام : «وكثّرنا بمنّه على من قلّ» كثرت الشيىء تكثيراً وأكثرته إكثاراً : جعلته كثيراً ، أي جَعَلَنا كثيرين وافرين العدد ، دون سائر الأُمم الذين هم قليلون بالنسبة إلينا ، وعدّى كثّر بـ (على) لتضمينه معنى التفضيل ، كأنّه قال : كثّرنا بمنّه مفضّلاً لنا على من قلّ.
وتكثيرنا ، إمّا بإعتبار كون شرعه عليه السلام مؤبداً إلى يوم القيامة ، فتكون أُمّته مستمرّة لا إنقطاع لها إلى إنقضاء الدنيا ، بخلاف سائر الأُمم ، أو باعتبار شمول رسالته إلى العرب والعجم والإنس والجنّ ، أو باعتبار البركة في النسل كما قال صلى الله عليه واله : «تناكحوا تناسلوا فإنّي مكاثر بكم الأُمم يوم القيامة» (١) ، أو باعتبار بقاء معجزه الذي هو القرآن إلى آخر الدهر.
وبالجملة ، فقد عدّ العلماء من خصائصه عليه السلام ، كونه أكثر الأنبياء تابعاً.
وروي عنه صلى الله عليه واله أنّه قال : «ما من الأنبياء نبيّ إلاّ اُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنّما كان الذي اُوتيت وحياً أوحاه الله إلّي فأرجو أنّي أكثرهم تابعاً يوم القيامة» (٢). وهذا الخبر يؤيّد الإعتبار الأخير. وفسّر قوله تعالى : «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» (٣) بالكثير من أولاده وأتباعه عليه السلام.
ويحتمل : أن يراد بالكثرة : الثروة ، وبالقّلة : الفقر ، يقال : رجل مُكثر ،
__________________
١ ـ وسائل الشيعة : ج ١٥ ، ص ٩٦ ، ح ١٤ ، مع اختلاف يسير في العبارة ، وهكذا جاء في دعائم الإسلام : ج ٢ ، ص ١٩١ ، ح ٦٨٩.
٢ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٢ ، ص ٣٤١ ، و٤٥١ ، مع اختلاف يسير في العبارة.
٣ ـ الكوثر : ١.