و «الخير» قيل : هو شيء من أعمال القلب نوراني زائد على الإيمان وغيره من الصفات المرضية ، يدلّ على ذلك ما في حديث أنس : «يخرج من النار من قال : لا إلٰه إلّا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن مثقال ذرّة» (١).
وقيل : هو الوجود ويطلق على غيره بالعرض ، وهو إمّا خير مطلق كوجود العقل لأنّه خير محض لا يشوبه شرّ ونقص ، وإما خير مقيّد ، كوجود كلّ من الصفات المرضيّة.
وقيل : هو ما يطلبه ويُؤثّره ويختاره كلّ عاقل ، وهو ينقسم : إلى خير بالذات ، وخير بالعرض. فالأوّل : هو الحقيقي ومرجعه إلى الوجود البحت ، والموجود بما هو موجود كالعلم ، والإيمان الحقيقيّين.
والثاني : ما هو وسيلة إلى الأوّل ، كالعبادة ، والزهد.
وقيل : هو ما يتشوّقه كلّ أحد بلا مثوبة ، وهو المختار من أجل نفسه ، والمختار غيره لأجله فإنّ الكلّ يطلبه بالحقيقة الخير وإن كان قد يعتقد في الشرّ أنّه خير فيختاره ، فمقصده الخير ويضادّه الشرّ ، وهو المجتوى من أجل نفسه ، والمجتوى غيره من أجله.
والحقّ : إنّ الخير ، كلّيّ ، يندرج تحته جميع الأعمال الصالحة كما يدلّ عليه قول أمير المؤمنين عليه السلام : «إفعلوا الخير ولا تحقّروا منه شيئاً ، فإنّ صغيره كبير ، وقليله كثير» (٢) ويؤيّده : ما في بعض الأخبار : يخرج منها أي من جهنّم قوم لم يعلموا خيراً قط (٣) وهٰؤلاء الذين ليس معهم إلا الإيمان إنتهى.
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ج ١ ، ص ١٦ ، مع اختلاف يسير في العبارة.
٢ ـ نهج البلاغة : ص ٥٥٠ ـ ٥٥١ ، قصار الحكم : ٤٢٢.
٣ ـ الترغيب والترهيب : ج ٤ ، ص ٤١٢ ، ح ٥٩.