حسن الخلق معهم ، واغتفار سيّئاتهم وإكرامهم على حسناتهم والدعاء لهم ، وبالجملة جلب خير الدنيا والآخرة إليهم خالصاً مخلصاً لوجه الله ، ومن ثم قيل : النصيحة في وجازة لفظها وجميع معانيها كلفظ الفلاح الجامع لخير الدنيا والآخرة.
و «الدعوة» ـ بالفتح ـ : اسم من الدعاء وما دعوت إليه من طعام وشراب يقال : نحن في دعوة فلان ، والمراد بها هنا : الدعوة التي نسبها الله تعالى إلى نفسه في قوله سبحانه : «لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ» (١). عن ابن عباس : «دعوة الحق : قول لا إلٰه إلّا الله» (٢).
قيل : وإنّما سمّيت دعوة لأنّها التي يدعى إليها أهل الملل الكافرة.
وقيل : الدعوة : العبادة ، فإنّ عبادته تعالى هي الحق والصدق.
وقيل : هي بمعنى الدعاء الحق : أي الدعوة الثابتة الواقعة في محلّها المجابة عند وقوعها. وإضافتها إلى الحقّ ، للإيذان بملابستها له واختصاصها به وكونها بمعزل عن شائبة الباطل ، كما يقال : كلمة الحقّ.
قال الزجاج : وجائز أن يكون ـ والله أعلم ـ دعوة الحق أنّه من دعا الله تعالى موحّداً استجيب له دعاؤُه (٣) إنتهى.
فالمراد بقوله عليه السلام لأهل دعوتك : إمّا أهل توحيدك ، أو أهل عبادتك ، أو أهل دعائك ، ويحتمل : أن يكون من قبيل الإضافه إلى الفاعل ، أي الذين دعوتهم فأجابوا دعوتك وعلى كلّ وجه فالمراد بهم : المسلمون كما يقتضيه تشريفهم باضافتهم إلى الدعوة المضافة إليه.
__________________
١ ـ الرعد : ١٤.
٢ ـ مجمع البيان : ج ٥ ـ ٦ ، ص ٢٨٣.
٣ ـ لسان العرب : ج ١٤ ، ص ٢٥٨.