والشفاعة السيئة : ما كانت بخلاف ذلك. والشائع الآن الوساطات والشفاعات السيئة المصحوبة بالمادة والرشاوى ، لتضييع الحقوق ، والاستيلاء على مال الغير. عن مسروق أنه شفع شفاعة ، فأهدى إليه المشفوع له جارية ، فغضب وردها ، وقال : لو علمت ما في قلبك لما تكلمت في حاجتك ، ولا أتكلم فيما بقي منها (١).
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) أي حفيظا شهيدا ، وقيل : مقتدرا ، أو محاسبا ، فهو تعالى مطلع عالم بأغراض الشفعاء ، مجاز كل واحد بحسب مقصده ، وقادر على جزائه بما يستحق ؛ لأن الجزاء في سنته مرتبط بالعمل.
ثم علّم الله الناس التحية وآدابها ، وهي كالشفاعة الحسنة من أسباب التواصل والتقارب بين الناس ، وعدت من التحية. وأصل التحية : الدعاء بالحياة ، والتحيات لله : أي الألفاظ التي تدل على الملك ، ويكنى بها عنه لله تعالى ، والصحيح أن التحية هاهنا : السلام ، لقوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) [المجادلة ٥٨ / ٨].
فإذا سلم عليكم المسلم فالواجب الرد عليه بأفضل مما سلم ، أو الرد عليه بمثل ما سلم ، فالزيادة مندوبة ، والمماثلة مفروضة. فإذا قال الشخص : السلام عليكم ، أجاب المسلّم عليه إما بقوله : وعليكم السلام ، أو وعليكم السلام ورحمة الله ، وإذا زاد : «وبركاته» كان أفضل ، وفي كل كلمة عشر حسنات. والأولى أن يكون الرد ببشاشة وسرور وحسن استقبال.
روى ابن جرير عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال السلام عليك يا رسول الله ، فقال : «وعليك السلام ورحمة الله» ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وعليك
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤١٣