لكم ذلك للضرورة بشروط ، لما فيه من أضرار : بتعريض الولد للرّق ، ولأنهنّ ممتهنات مبتذلات ، خرّاجات ولّاجات ، وذلك ذلّ ومهانة يرثه الواد منهن ، ولأن حقّ المولى في الإماء أقوى من حقّ الزّوجية ، فله الحقّ باستخدامهنّ ، والسفر بهنّ وبيعهنّ ، وفي ذلك مشقّة عظيمة على الأزواج. جاء في مسند الدّيلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحرائر : صلاح البيت ، والإماء : هلاك البيت» ، وأخرج عبد الرزاق عن عمر رضياللهعنه أنه قال : «إذا نكح العبد الحرّة فقد أعتق نصفه ، وإذا نكح الأمة فقد أرقّ نصفه».
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي والله واسع المغفرة كثيرها ، فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحهن ، وفي ذلك تنفير عنه ، ويغفر لمن صدرت منه هفوات كاحتقار الإماء المؤمنات ، وهو واسع الرّحمة كثيرها ؛ إذ رخّص في نكاح الإماء وأبان أحكام الشريعة.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآية إلى الأحكام التالية :
١ ـ الترخيص بنكاح الإماء لمن لم يجد الطّول : وهو السّعة والغنى ، والمراد هاهنا القدرة على المهر في قول أكثر أهل العلم ، منهم مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة : إنّ من عنده حرّة فلا يجوز له نكاح الأمة ، وإن عدم السّعة وخاف العنت ؛ لأنه طالب شهوة وعنده امرأة. وبه قال الطّبري واحتجّ له.
واختلف العلماء فيما يجوز للحرّ الذي لا يجد الطّول ويخشى العنت ، من نكاح الإماء ، فقال مالك وأبو حنيفة والزّهري : له أن يتزوّج أربعا ، وقال الشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق : ليس له أن ينكح من الإماء إلا واحدة ؛ لقوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) وهذا المعنى يزول بنكاح واحدة.