يودّون ويتمنّون أن تغفلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم بسبب انشغالكم بالصلاة ، فينقضّون عليكم ويميلون ميلة واحدة أو حملة واحدة بالقتل والنّهب ، والله يريد لكم الفوز والنصر ، فيحذركم ويأمركم بالاستعداد الدائم.
ثم أبان الأعذار التي يشقّ معها حمل السلاح ، فذكر :
ولا إثم عليكم في وضع أسلحتكم إذا أصابكم أذى من مطر أو مرض أو عذر ، ولكن مع أخذ الحذر والاستعداد للعدوّ ؛ لأن العدوّ ينتظر أي فرصة من الضعف ، ويراقب تحركاتكم ، فاحذروه ولا تغفلوا عنه.
إن الله أعدّ للكافرين عذابا شديد الإهانة في الدّنيا والآخرة. أما في الدّنيا فهو تغلّب المسلمين عليهم ، وأما في الآخرة فهو العذاب الخالد في نار جهنم ، وهذا وعيد للكفار بأنه مهينهم وخاذلهم وغير ناصرهم ، لكن الحذر مطلوب من المؤمنين أخذا بسنّة الله في إتباع المسببات الأسباب ، حتى لا يتهاونوا ويتركوا الأسباب جانبا.
وقد روى الجماعة إلا ابن ماجه عن سهل بن أبي حثمة عن النّبي صلىاللهعليهوسلم يوم ذات الرقاع : «أن طائفة صفت مع النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وطائفة وجاه العدوّ (أي جهته) فصلّى بالتي معه ركعة ، ثم ثبت قائما ، فأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا وجاه العدوّ. وجاءت الطائفة الأخرى فصلّى بهم الرّكعة الثانية التي بقيت من صلاته ، فأتمّوا فسلّم بهم».
فإذا أدّيتم الصلاة أي صلاة الخوف على هذه الصورة ، فاذكروا الله تعالى في أنفسكم ، بتذكّر نعمه ووعده بنصر من ينصرونه في الدّنيا ونيل الثواب في الآخرة. وبألسنتكم بالحمد والتكبير والدعاء ، فذكر الله مما يقوي القلب ، ويعلي الهمّة ، وبالثبات والصبر يتحقق النصر ، كما قال تعالى : (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال ٨ / ٤٥].