فإذا اطمأننتم بانتهاء الحرب والإقامة في بلادكم بعد السفر ، فأقيموا الصلاة كالمعتاد تامة الأركان والشروط ؛ لأن الصلاة عماد الدّين.
والسبب في فرضية الصلاة حتى في وقت الخوف : أن الصلاة مفروضة فرضا ثابتا في أوقات معلومة ، فلا يصحّ تركها أبدا حتى في الحروب وساعة الخوف ، كما قال تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [البقرة ٢ / ٢٣٩].
فقه الحياة أو الأحكام :
الآيات في مشروعية قصر الصلاة الرباعية في السفر ، وكيفية صلاة الخوف. فآية (وَإِذا ضَرَبْتُمْ) واضحة الدّلالة ـ بغضّ النّظر عن الاختلاف الفقهي ـ على حكم القصر في السفر.
أما العلماء فاختلفوا في حكم القصر ، كما سبق بيانه ، فقال جماعة منهم الحنفية : إنه فرض ؛ لحديث عائشة رضياللهعنها : «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين» لكن قال القرطبي : ولا حجّة فيه لمخالفتها له ، فإنها كانت تتمّ في السفر ، وذلك يوهنه ، وإجماع فقهاء الأمصار على أنه ليس بأصل يعتبر : صلاة المسافر خلف المقيم ، أي أنه إذا اقتدى المسافر بالمقيم أتمّ صلاته بالإجماع.
وقال آخرون منهم عمر وابن عباس وجبير بن مطعم : «إن الصلاة فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة».
ومشهور مذهب المالكية : أن القصر سنة ، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه رخصة يخير فيها المسافر بين القصر والإتمام ، وهو الظاهر من قوله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ). وأيهما أفضل؟ الصحيح في مذهب مالك التّخيير للمسافر بين الإتمام والقصر ، وأما مالك رحمهالله فيستحب له القصر ، ويرى عليه الإعادة في الوقت إن أتمّ ، والقصر أفضل من الإتمام مطلقا