أخيه شيئا ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها ، انتظاما في عنقه يوم القيامة» فبكى الرجلان ، وقال كل منهما : حقي لأخي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ، ثم توخيا الحق بينكما ، ثم استهما ، ثم ليحلل كل منكم صاحبه».
وفي رواية أبي داود من حديث أسامة بن زيد زيادة هي : «إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه».
ومن أجاز الاجتهاد للنبي صلىاللهعليهوسلم وهم الجمهور يقول : يجوز عليه الخطأ ، لكنه لا يقر على الخطأ ، بدليل هذه الحادثة ، وحادثة قبول الفداء من أسارى بدر.
واللام في قوله : (لِلْخائِنِينَ) للتعليل ، أي لا تكن لأجل الخائنين مخاصما لما يستعدونك عليه. والخائنون : هم طعمة وقومه.
واستغفر الله مما هممت به في أمر طعمة وبراءته التي لم تتثبت في شأنها ، وعقاب اليهودي.
والأمر بالاستغفار في هذا ونحوه لا يقدح في عصمة الأنبياء ؛ لأنه لم يكن منه إلا الهم ، والهم لا يوصف بأنه ذنب ، بل إن ذلك من قبيل «حسنات الأبرار سيئات المقربين» وما أمره بالاستغفار إلا لزيادة الثواب ، وإرشاده وإرشاد أمته إلى وجوب التثبت في القضاء.
والنبي صلىاللهعليهوسلم لم يحكم في هذه القضية قبل نزول الآيات ، ولم يعمل بغير ما يعتقد أنه حق ، وإنما أحسن الظن بدفاع قوم طعمة ، فبيّن الله تعالى له حقيقة الأمر ، خلافا لما ظنه من غلبة الصدق على المسلم وغلبة الكذب على اليهودي.
ثم رغب الله تعالى قوم طعمة وغيرهم بقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)