والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد منه الذين كانوا يفعلونه من المسلمين ، بدليل ما ذكر بعده : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ولأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان حكما فيما بينهم ، ولذلك كان يعتذر إليه ولا يعتذر هو إلى غيره ، فدل على أن القصد لغيره.
٦ ـ قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) دل على أن الأنبياء صلوات الله عليهم قد يؤمرون بالاستغفار مما ليس ذنبا ، كالهمّ بتقديم الدفوع عن بني أبيرق ومعاقبة اليهودي بقطع يده ، وهو دفاع وعمل بالظاهر لاعتقاده براءتهم. وهذا من قبيل «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
وقيل : الأمر بالاستغفار للمذنبين من أمتك والمتخاصمين بالباطل ، وقيل : هو أمر بالاستغفار على طريق التسبيح ، كالرجل يقول : أستغفر الله ، على وجه التسبيح من غير أن يقصد توبة من ذنب. وقيل : الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد بنو أبيرق ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) [الأحزاب ٣٣ / ١] ، (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) [يونس ١٠ / ٩٤].
٧ ـ قوله تعالى : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) نهي صريح عن الدفاع عن الخونة ، أي لا تحاجج عن الذين يخونون أنفسهم. والمجادلة : المخاصمة. والله لا يرضى عن الخائن أو الخوّان ـ الذي هو من صيغ المبالغة ؛ لعظم قدر تلك الخيانة.
٨ ـ الإنسان قاصر النظر ، محدود التفكير ، سطحي المواقف : فتراه إذا حاول ارتكاب ذنب يستتر ويستحي من الناس ، ولا يستتر ولا يستحي من الله ، والله أحق أن نخشاه وأن نستحي منه ؛ لأن المصير إليه ، وبيده وحده الجزاء.
٩ ـ الحقائق تنكشف بنحو واضح قاطع يوم القيامة في عالم الحساب بين