وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ويقول فيما رواه أصحاب السنن الأربع عن عائشة : «اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني المحبة ؛ لأن عائشة رضياللهعنها كانت أحب إليه.
(فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور ، فتمنعوها قسمتها من غير رضا منها ، يعني أن اجتناب كل الميل مما هو في حد اليسر والسعة ، فلا تفرطوا فيه ، وإن وقع منكم التفريط في العدل كله ، وفيه نوع من التوبيخ ، فإذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بالكلية.
(فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) أي فتبقى هذه الأخرى أو المرأة المرغوب عنها كالمعلّقة ، لا هي مطلقة ولا هي متزوجة ، بل عليكم إرضاؤها وحسن عشرتها وحفظ حقوقها.
روى الإمام أحمد وأهل السنن وأبو داود الطيالسي عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة ، وأحد شقّيه ساقط».
(وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا ..) أي وإن أصلحتم أموركم وقسمتم بالعدل ، وتبتم عن الميل والجور ، واتقيتم الله في المستقبل في جميع الأحوال ، غفر الله لكم ما كان من ميل في الماضي إلى بعض النساء دون بعض ، وكان شأن الله دائما المغفرة للمقصرين والرحمة بعباده التائبين الراجعين إليه.
والحالة الثالثة :
وهي حالة الفراق : أخبر الله تعالى أنه إذا تفرّق الزّوجان لاستعصاء الحلول والعلاج والتوفيق والمصالحة بينهما ، فإن الله يغني الرّجل عنها ، ويغنيها عنه ، بأن يعوّضه الله من هو خير له منها ، ويعوّضها عنه بمن هو خير لها منه ، وكان الله واسع الفضل ، عظيم المنّ ، حكيما في جميع أفعاله وأقداره وشرعه.