ردّا على ما كان عليه أهل الجاهلية ، إذ كانوا لا يورثونهم كما لا يورثون النساء ، وتأمر أيضا بمعاملة اليتامى بالعدل. وختمت الآية بما يؤكد الأوامر السابقة ، فأعلنت : وما تفعلوه من خير يتعلق بهؤلاء المذكورين أو بغيرهم ، فإن الله يجازيكم عليه ، ولا يضيع عنده منه شيء.
ومن الأحكام التي أخبر الله تعالى أنه يفتيهم بها في النساء : علاج حالة النشوز أو الإعراض من الرجل عن زوجته ، والإعراض : الانصراف عنها بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه ، مثل أن يقلل محادثتها أو مؤانستها لكبر سنّ أو دمامة أو عيب خلقي أو ملال. والإعراض أخفّ من النّشوز.
والعلاج بالصّلح بأن تترك له المرأة يومها ، كما فعلت سودة رضياللهعنها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو تضع عنه بعض ما يجب له من نفقة أو كسوة أو تهب له شيئا من مهرها ، أو تعطيه مالا لتستعطفه وتستديم المقام معه.
ولا يكون أخذ الرجل شيئا من مال الزوجة بالصلح أكلا بالباطل أو أخذا بالإكراه إذا كان هناك عذر حقيقي مما تقدّم ، دون اتّخاذ الأعذار ذريعة أو حيلة لأخذ المال ، فإن لم يكن هناك مسوغ مقبول شرعا ، ولكنه تظاهر بالنشوز والإعراض ، كان أخذ المال حراما.
والسبب في أنه تعالى أجاز للرجل أخذ شيء من مال المرأة حال النشوز الحاصل منه ، وجعل لنشوز المرأة عقوبة من زوجها يعظها ويهجرها في المضجع ويضربها ، فقال : (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ) [النساء ٤ / ٣٤] : السبب أن الله تعالى جعل للرجال درجة القوامة على النساء ، فليس للمرؤوس معاقبة رئيسه ، وأن الله فضّل الرجال على النساء في العقل والدين وتحمل التكاليف الشاقة ، والتفضيل يقتضي ألا يكون نشوز الرجل إلا لسبب قاهر ، أما المرأة لغلبة عواطفها عليها ونقصان عقلها ودينها