لما بعثني النّبي صلىاللهعليهوسلم عام ذات السلاسل ، احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح ، فلما قدمت على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ذكرت ذلك له ، فقال : يا عمرو ، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت : نعم ، يا رسول الله ، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، وذكرت قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) الآية ، فتيممت ثم صليت ، فضحك رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ولم يقل شيئا.
ففهم عمرو رضياللهعنه أن الآية تتناول بعمومها مثل حالته ، وأقرّه النّبي صلىاللهعليهوسلم على ذلك.
ثم ذكر الله تعالى عقوبة قاتل الأنفس ، وهي أن من يفعل ذلك المحرم ـ وهو قتل النفس ؛ لأن الضمير المشار إليه يعود إلى أقرب مذكور ـ حال كونه معتديا ظالما ، عاقبه الله على جرمه في الآخرة ، بإدخاله نارا شديدة الإحراق ، وذلك الإدخال هيّن سهل على الله ، لا يمنعه منه مانع. وقد بيّنت أن العدوان : هو الإفراط في مجاوزة الحدّ ، وأن الظلم : هو الجور ومجاوزة الحدّ أو وضع الشيء في غير موضعه. وقيد الوعيد بذكر العدوان والظلم ليخرج منه فعل السهو والغلط.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيتان على الأحكام الشرعية الآتية :
١ ـ تحريم أكل الأموال بالباطل أي بغير حق ، وهو كل ما يخالف الشرع أو يؤخذ بغير عوض. وله أحوال كثيرة.
وعبّر بكلمة (أَمْوالَكُمْ) للإشارة إلى أن مال الفرد هو مال الأمة ، مع احترام الحيازة والملكية الخاصة وإباحة التصرف بالمملوك بحرية تامة ، ما لم يكن هناك ضرر بالأمة أو بالمصلحة العامة.