والتغطية ، والبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها فهو كافر لنعمة الله عليه. وفي الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو : «إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» وفي الدعاء النبوي : «واجعلنا شاكرين لنعمتك ، مثنين بها عليك ، قابليها ، وأتممها علينا».
وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم من صفة محمد صلىاللهعليهوسلم وكتمانهم إياها ، ولهذا قال تعالى : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً).
وعلى كل حال : أهل الفخر والخيلاء فريقان : فريق يبخلون ويكتمون فضل الله عليهم ، وهم من سبق ، وفريق آخر ذكرهم القرآن بعدئذ وهم الذين ينفقون أموالهم مرائين الناس ، أي يقصدون رؤية الناس لهم فيعظمونهم ويحمدونهم.
وبعد أن ذكر الله الممسكين المذمومين وهم البخلاء ، ذكر الباذلين الذين يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يمدحوا بالكرم ، ولا يريدون به وجه الله ، فيبذلون المال لا شكرا لله على نعمه ، ولا اعترافا لعباده بحق. هؤلاء الذين قال الله عنهم : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) [النساء ٤ / ٣٨].
جاء في الحديث الثابت : «الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم النار : وهم العالم والغازي والمنفق ، والمراءون بأعمالهم ، يقول صاحب المال : ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك ، فيقول الله : كذبت ، إنما أردت أن يقال : جواد ، فقد قيل» أي فقد أخذت جزاءك في الدنيا ، وهو الذي أردت بفعلك.
وهؤلاء المراءون لا يؤمنون حقا بالله ولا باليوم الآخر ، أي إنما حملهم على صنيعهم القبيح وعدولهم عن فعل الطاعة على وجهها الصحيح : الشيطان ، فإنه