سوّل لهم وأملى لهم وحسّن لهم القبائح ، ولأن المؤمن الحق لا ينفق رياء بل الله ، ويعمل للباقي الدائم وهو يوم القيامة ، وهؤلاء قرناء الشيطان الذي يوحي إليهم ، ويعدهم بالفقر لو أنفقوا ، ويأمرهم بالفحشاء والمنكر ، ومن يكن الشيطان له قرينا ، فبئس هذا القرين ، أي أن الذي حملهم على ما فعلوا وسوسة الشيطان وهو بئس الصاحب والمعلم ، فحالهم في الشر كحال الشيطان.
وفي هذا إيماء إلى ضرورة البعد عن قرين السوء ، واختيار القرين الصالح.
(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) والمعنى : وأي ضرر يلحقهم لو آمنوا حقيقة بالله ، وعملوا لليوم الآخر الذي فيه الجزاء المحقق للخلود والسعادة ، وأنفقوا مما رزقهم الله ابتغاء رضوانه وامتثالا لأمره.
وهذا الأسلوب للتعجب من حالهم ؛ إذ أنهم لو أخلصوا العمل وعدلوا عن الرياء إلى الإخلاص ، والإيمان بالله رجاء موعوده في الدار الآخرة لمن يحسن عمله ، وأنفقوا فيما يحبه الله ويرضاه ، لما فاتهم ما يطلبون من منافع الدنيا والآخرة معا.
(وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) أي هو عليم بنياتهم الصالحة والفاسدة ، وخبير بمن يستحق التوفيق منهم فيوفقه للخير ، وبمن يستحق الخذلان والطرد عن جنابه الأعظم ، فيتخلى عنه ، وسيجازي كل امرئ بما قدم وعمل ، ولن ينسى عمل العاملين المخلصين ، وما على المؤمن إلا أن يجعل عمله خالصا لله ، فهو الذي يراه ويتقبل منه ، ويحاسبه على عمله.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآيات دستور التعامل بين الناس وربهم ، وبين بعضهم بعضا. وهي من المحكم المتفق عليه ، ليس منها شيء منسوخ ، وهي مقررة في جميع الكتب