والسنة إذا قدّم للضيف الطعام أن يبادر المقدّم إليه بالأكل ؛ فإن تكريم الضيف من مضيفه تعجيل التقديم ، وتكريم صاحب المنزل من ضيفه المبادرة بالقبول. فلما قبض الملائكة أيديهم ، تخوف إبراهيم ، أن يكون وراءهم مكروه يقصدونه.
ومن أدب الطعام : أن ينظر المضيف في ضيفه ، هل يأكل أولا؟ وذلك بلمح نظر سريع ، لا بتأكيد النظر. روي أن أعرابيا أكل مع سليمان بن عبد الملك ، فرأى سليمان في لقمة الأعرابي شعرة ، فقال له : أزل الشعرة عن لقمتك ؛ فقال له : أتنظر إلي نظر من يرى الشعرة في لقمتي؟! والله لا أكلت معك.
٣ ـ مشاركة الزوجة لعواطف زوجها أمر مستحسن ، فإن سارّة ضحكت استبشارا بتعذيب قوم لوط ، لكراهتها خبائثهم ، قال الجمهور : هو الضحك المعروف. وأنكر بعض اللغويين أن يكون في لغة العرب : ضحكت بمعنى حاضت.
٤ ـ من السنة قيام المرأة بخدمة الرجال الضيوف بنفسها ، وترجم البخاري لحديث في ذلك : «باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس» قال القرطبي : ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول الحجاب.
٥ ـ امتنع الملائكة من الطعام ؛ لأنهم ملائكة ، والملائكة لا يأكلون ولا يشربون ، وإنما أتوا إبراهيم في صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها ، وهو كان مشغوفا بالضيافة.
٦ ـ ذكر الطبري أن إبراهيم عليهالسلام لما قدّم العجل قالوا : لا نأكل طعاما إلا بثمن ؛ فقال لهم : «ثمنه أن تذكروا الله في أوله ، وتحمدوه في آخره» فقال جبريل لأصحابه : بحق اتخذ الله هذا خليلا.
ودل هذا على أن التسمية في أول الطعام ، والحمد في آخره مشروع في الأمم قبلنا.