(مَنْضُودٍ) متتابع منظم ومعدّ لعذابهم (مُسَوَّمَةً) معلمة للعذاب ، أي لها علامة خاصة عند ربك أي في خزائنه (وَما هِيَ) الحجارة أو بلادهم (مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) أي أهل مكة وأمثالهم ، وهذا وعيد لكل ظالم ، روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه سأل جبريل عليهالسلام ، فقال : يعني ظالمي أمتك ، ما من ظالم منهم إلا وهو بمعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة.
المناسبة :
هذه هي القصّة الخامسة من القصص المذكورة في هذه السّورة ، وهي قصة لوط عليهالسلام ، وقوم لوط : أهل سدوم في الأردن. قال ابن عباس : انطلقوا من عند إبراهيم إلى لوط (ابن أخي إبراهيم) وبين القريتين أربع فراسخ ، ودخلوا عليه على صورة شباب مرد من بني آدم ، وكانوا في غاية الحسن ، ولم يعرف لوط أنهم ملائكة الله.
التفسير والبيان :
ولما جاءت رسلنا من الملائكة لوطا ، بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاكهم هذه الليلة ، وكانوا في أجمل صورة بهيئة شباب حسان الوجوه ، ابتلاء من الله ، فساءه شأنهم ومجيئهم ، وضاقت نفسه بسببهم ؛ لأنه ظنّ أنهم من الإنس ، فخاف عليهم خبث قومه ، وأن يعجزوا عن مقاومتهم ، وقال : هذا يوم عصيب أي شديد البلاء.
(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ ..) وجاء لوطا قومه عند ما سمعوا بالضّيوف وقدومهم ، بإخبار امرأته قومها ، يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك ، لإتيان الفاحشة ، وليس ذلك غريبا ، فإنهم كانوا قبل مجيئهم يعملون السّيئات ويرتكبون الفواحش ، فلم يزل هذا من سجيّتهم ، حتى أخذوا وهم على تلك الحال ، كما حكى الله عنهم : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ ، وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ ، وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) [العنكبوت ٢٩ / ٢٩] أي ظلوا يقترفون الفاحشة إلى وقت الهلاك.