(يَقْدُمُ قَوْمَهُ) أي يتقدمهم يوم القيامة إلى النار ، كما كان يتقدمهم في الدنيا إلى الضلال ويتبعونه في الحالين ، يقال : قدم بمعنى تقدم. (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) أدخلهم فيها ، ذكره بلفظ الماضي مبالغة في تحقيقه ، ونزل النار لهم منزلة الماء ، فسمي إتيانها موردا. (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) هي ، أي بئس المورد الذي وردوه ، فإن المورد يراد عادة لتبريد الأكباد وتسكين العطش ، والنار بالضد من ذلك. والآية كالدليل على قوله : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) فإن من هذه عاقبته لم يكن في أمره رشيدا.
(وَأُتْبِعُوا) ألحقوا (فِي هذِهِ) الدنيا (لَعْنَةً) طردا من رحمة الله (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يلعنون في الدنيا والآخرة (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) أي بئس العون المعان ، أو العطاء المعطى. والمخصوص بالذم محذوف ، أي رفدهم وهو اللعنة في الدارين.
المناسبة :
هذه هي القصة السابعة من القصص التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة ، وهي آخر قصة في هذه السورة ، وقد ذكرت قصة موسى عليهالسلام مع فرعون وملئه في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ، فذكرت في سورة الأعراف [١٠٤ ـ ١٠٥] وفي سورة الشعراء [١٧ ـ ٢٨] وفي سورة طه [٤٨ ـ ٥٥] وفي سورة القصص [٣٨] وفي سورة غافر [٣٦ ـ ٣٧].
والعبرة منها واضحة وهي نجاة موسى ومن آمن معه ، وهلاك فرعون وأشراف قومه ، واللعنة عليهم في الدنيا والآخرة ، مثل كفار أولئك الأقوام الظالمين الذين أعرضوا عن دعوة أنبيائهم ، كما تقدم ، ولكن عذاب فرعون وملئه وهو الغرق في البحر لم يعمّ جميع قومه.
التفسير والبيان :
تالله لقد أرسلنا موسى بآياتنا التسع ودلالاتنا الباهرة الدالة على توحيد الله إلى فرعون ملك القبط وملئه ، وفيها السلطان الواضح الجلي أي الدلالة القاطعة المؤيدة بالحس المشاهد ، على صدق نبوته.