وروي ذلك من حديث أبي أمامة ومعاذ بن جبل وابن عباس وبريدة وغيرهم. ومنه يفهم أن ذنب الرجل لا حدّ فيه ، وإنما هو ذنب يكفره العمل الصالح ، من إقامة الصلاة وإحسان القول والعمل.
ورواية الترمذي عن ابن مسعود هي : قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إني عالجت امرأة في أقصى المدينة ، وإني أصبت منها ما دون أن أمسّها ، وأنا هذا ، فاقض فيّ ما شئت. فقال له عمر : لقد سترك الله! لو سترت على نفسك ؛ فلم يردّ عليه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم شيئا ، فانطلق الرجل ، فأتبعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا فدعاه ، فتلا عليه : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ، ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) إلى آخر الآية ، فقال رجل من القوم : هذا له خاصة؟ قال : «لا ، بل للناس كافة» قال الترمذي : حديث حسن صحيح.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بالاستقامة ، وعدم تجاوز حدود الدين ، وعدم الركون إلى ذوي الظلم ، أردفه بالأمر بالصلاة والصبر ، وهو يدل على أن أعظم العبادات بعد الإيمان بالله هو الصلاة ، ويليها الصبر ، فإنه نصف الإيمان ، فهما عدة الامتثال ، والصلاة أساس العبادات ، وعمود الدين.
التفسير والبيان :
موضوع هاتين الآيتين : الاستعانة بالصلاة والصبر ، كما قال تعالى في آية أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ، إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة ٢ / ١٥٣].
أما بالنسبة للصلاة فالآية في تحديد أوقاتها ، ومعناها : أدّ الصلاة تامة كاملة الأركان والشروط والأوصاف ، باعتبارها صلة بين العبد والرب ، مطهرة