٢ ـ الآية دليل على قول أبي حنيفة رحمهالله في أنّ التّنوير بالفجر أفضل ، وفي أنّ تأخير العصر أفضل ؛ لأنّ ظاهر هذه الآية يدلّ على وجوب إقامة الصّلاة في طرفي النّهار ، وطرفا النّهار : الزّمان الأوّل لطلوع الشّمس والزّمان الثاني لغروبها ، وبما أنّ ظاهر الآية غير مراد بالإجماع ، فوجب حمله على المجاز ، وهو إقامة الصّلاة في الوقت الذي يقرب من طرفي النّهار ؛ لأنّ ما يقرب من الشيء يجوز أن يطلق عليه اسمه. وإقامة صلاة الفجر عند التّنوير أقرب إلى وقت الطّلوع من إقامتها عند التّغليس ، وكذلك إقامة صلاة العصر عند ما يصير ضلّ كلّ شيء مثليه أقرب إلى وقت الغروب من إقامتها عند ما يصير ظلّ كلّ شيء مثله ، والمجاز كلما كان أقرب إلى الحقيقة كان حمل اللفظ عليه أولى.
٣ ـ أوضحت الآية أوقات الصّلوات الخمس المفروضة ؛ لأنّ طرفي النّهار يشملان صلاة الصّبح ، وصلاة الظّهر والعصر ، والزّلف من الليل يقتضي الأمر بإقامة صلاتي المغرب والعشاء. والزّلف : الساعات القريبة بعضها من بعض ، وزلف الليل تشمل المغرب والعشاء.
٤ ـ الحسنات وهي الأعمال الصّالحة ومنها الصّلوات الخمس ، وقول الرّجل : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، والأولى حمل اللفظ على عمومه. وأما السّيئات فهي الذّنوب الصّغائر ، للحديث المتقدّم : «ما اجتنبت الكبائر».
٥ ـ دلّت الآية على أنّ المعصية لا تضرّ مع الإيمان ؛ لأنّ الإيمان أشرف الحسنات وأجلّها وأفضلها. وعلى أنّ الحسنات يذهبن السّيئات ، فالإيمان الذي هو أعلى الحسنات درجة ، يذهب الكفر الذي هو أعلى درجة في العصيان ، فلأن يقوى على المعصية التي هي أقل السّيئات درجة ، كان أولى ، فإن لم يفد إزالة العقاب بالكليّة ، فلا أقل من أن يفيد إزالة العذاب الدائم.