وَالْفَحْشاءَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) لذا أتبعه بقوله : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) أي فبادر إلى الباب هربا ، وبادرت هي إلى الباب صدا له عن الهرب. وأراد الله صرف السوء عنه فقال : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) أي مثل ذلك التثبيت على العفة أمام دواعي الفتنة والإغراء ثبتناه ، وكما أريناه برهانا صرفه عما كان فيه ، كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره. والسوء : المنكر والمعصية وخيانة السيد ، والفحشاء : الزنى والفجور.
(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) أي إن يوسف من عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم لوحيه ورسالته وصفاهم من الشوائب ، فلا يستطيع الشيطان إغواءهم ، كما قال تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) [ص ٣٨ / ٤٧].
وحدثت المفاجأة الغريبة المحرجة بقدوم زوجها ، وهما يتسابقان إلى الباب ، فقال تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) أي وتسابقا إلى الباب ، بناء على حذف الجارّ وإيصال الفعل كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [الأعراف ٧ / ١٥٥] أو بناء على تضمين (اسْتَبَقَا) معنى : ابتدرا ، والتسابق مختلف الغرض ، فيوسف فرّ منها مسرعا يريد الباب ليخرج ، وهي أسرعت وراءه لتمنعه الخروج. (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) أي لحقته في أثناء هربه ، فأمسكت بقميصه من الخلف ، فقطعته.
(وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) أي وحينئذ وجدا سيدها وهو زوجها عند الباب ، فحاولت بمكرها وكيدها التنصل من جرمها وإلصاق التهمة بيوسف ، فقالت : ما جزاء من أراد بأهلك فاحشة إلا أن يحبس ، أو عذاب مؤلم موجع ، فيضرب ضربا شديدا. وكانت نساء مصر تلقب الزوج بالسيد ، ولم يقل : سيدهما ؛ لأن استرقاق يوسف غير شرعي.