٦ ـ آثر يوسف الصديق دخول السجن ابتغاء مرضاة الله ، وأن السجن أحب أي أسهل عليه وأهون من الوقوع في المعصية ، لا أنّ دخول السجن مما يحبّ حقيقة. حكي أن يوسف عليهالسلام لما قال : (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ) أوحى الله إليه : «يا يوسف! أنت حبست نفسك حيث قلت : السجن أحبّ إلي ، ولو قلت : العافية أحبّ إلي لعوفيت».
٧ ـ جمع يوسف عليهالسلام في دعائه ليكون قدوة للبشر بين التأثر بالنوازع البشرية والميل الإنساني إلى النساء وبين جهاد النفس الذي استعان بالله عليه ، وأوضح أن الوقوع في أهواء النساء جهل ، وكون المنزلق من زمرة الجاهلين ، أي ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم ، أو ممن يعمل عمل الجهال الذين يعملون بنقض ما يعلمون. ودل هذا على أن أحدا لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله ؛ ودل أيضا على قبح الجهل والذم لصاحبه.
٨ ـ استجاب الله تعالى دعاء يوسف ، ولطف به ، وعصمه عن الوقوع في الزنى لصبره والاستعاذة بالله من الكيد. وهو شأنه تعالى يستجيب دعاء كل ملهوف ، مستعصم به ، ممتنع عن المعاصي ابتغاء رضوان الله تعالى.
٩ ـ اتخذ العزيز وأهل مشورته قرارا بسجن يوسف إلى مدة غير معلومة ، كتمانا للقصة ألا تشيع بين الناس ، بالرغم مما ثبت لهم من عفته ونزاهته ، ورأوا الآيات ، أي العلامات على براءته من قدّ القميص من دبر ، وشهادة الشاهد ، وحزّ الأيدي بالسكاكين ، وقلة صبر النساء عن لقاء يوسف.
١٠ ـ لم يرض يوسف عليهالسلام بارتكاب الفاحشة لعظم منزلته وشريف قدره ، بالرغم من إكراهه على ذلك بالسجن ، وأقام خمسة أعوام. وبناء عليه قال العلماء : لو أكره رجل بالسجن على الزنى ما جاز له إجماعا.
فإن أكره بالضرب فقد اختلف فيه العلماء ، والصحيح أنه إذا كان فادحا ،