ينالي بعد اليوم ضيم ولا سوء ، وأصبح شديد الفرح والبط بتلك النعمة أو بما في يده ، متفاخرا متعاظما على غيره ، محتقرا من دونه.
فهو في موقفه هذا لا يقابل النعمة بالشكر عليها ، بل يبطر ويفخر على الناس ، ولا يواسي البائس الفقير.
ويلاحظ أنه عبر في حال النعمة بقوله : (أَذَقْنَا) والذوق : إدراك الطعم ، ليدل على التمتيع بالنعمة بأقل أوصافها ، وفي حال الضراء بقوله : (مَسَّتْهُ) والمس : مبدأ الوصول ، ليشعر بأن الضر في أقل مرتبة من الإصابة.
وهناك مقابلة بين التعبير ب (أَذَقْنَا) الذي يفيد اللذة والاغتباط ، وقوله : (نَزَعْناها) الذي يفيد شدة تعلقه بالنعمة والحرص عليها.
وكل هذا يدل على أن في الإنسان طبائع سيئة وأمراضا فتاكة وهي اليأس من رحمة الله والكفر بنعمته ، والبطر والفخر والتكبير ، ولا علاج لها إلا بالصبر والإيمان والرضا بالقضاء والقدر.
والمراد بالإنسان مطلق الإنسان بدليل استثناء الصابرين الذين يعملون الصالحات منه بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل ، فثبت أن المقصود بالإنسان المؤمن والكافر. وحينئذ يكون الإنسان شاملا المؤمن والكافر ، والاستثناء متصل ، قال القرطبي : وهو حسن.
وفي قول آخر : إن المراد منه الكافر ، حملا على المعهود السابق في الآية المتقدمة وهو الكافر ، ولأن الصفات المذكورة للإنسان في هذه الآية لا تليق إلا بالكافر ، وهي صفات : اليؤوس ، والكفور ، وقوله : ذهب السيئات عني ، والفرح ، والفخور ، وتلك هي صفات الكافرين ، وليست من صفات أهل