و (الْأَحْزابِ) هم كما قال مقاتل : بنو أميّة ، وبنو المغيرة بن عبد الله المخزومي ، وآل طلحة بن عبيد الله. وقال سعيد بن جبير : الأحزاب : أهل الأديان كلّها ، وروي عن مقاتل : «من الملل كلّها» لأنهم يتحازبون.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النّار».
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي فلا تكن أيها المكلّف السّامع في شكّ من أمر هذا القرآن ، فإنه حقّ من الله لا ريب ولا شكّ فيه ، كما قال تعالى : (الم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) [السّجدة ٣٢ / ١ ـ ٢]. والخطاب بقوله : (فَلا تَكُ) للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد جميع المكلّفين.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ ..) أي ولكن أكثر الناس لا يؤمنون بهذا القرآن ، كما قال تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف ١٢ / ١٠٣] ، والسبب أن المشركين مستكبرون مقلّدون زعماءهم ، وأن أهل الكتاب حرّفوا دين أنبيائهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآية إلى ما يأتي :
١ ـ إن من تبيّن الرشد والصّواب بالفطرة والعقل ، واهتدى بنور الوحي الإلهي فهو الذي يؤثر الآخرة على الدّنيا ، ولا يستوي إطلاقا مع من آثر الدّنيا الفانية وزينتها الموقوتة على الآخرة الباقية الخالدة.
٢ ـ اليهود والنصارى المؤمنون بحقّ يؤمنون بما في التّوراة والإنجيل من البشارة بالنّبيصلىاللهعليهوسلم ، وأما غير المؤمنين بحقّ ، المتأخرون منهم أو من غيرهم ، فهم