(مَجْراها) فيه ثلاثة أوجه : الأول ـ أن يكون منصوبا على تقدير حذف ظرف مضاف إلى ذلك. (وَمُرْساها) عطف عليه ، وتقديره : باسم الله وقت إجرائها وإرسائها ، أي اركبوا فيها متبكرين باسم الله تعالى في هذين الوقتين. و (بِسْمِ اللهِ) متعلق بمحذوف في موضع نصب على الحال من واو (ارْكَبُوا). و (بِسْمِ اللهِ) هو العامل في (مَجْراها).
الثاني ـ أن يكون (مَجْراها) مبتدأ ، و (بِسْمِ اللهِ) خبره ، وتقديره : بسم الله إجراؤها وإرساؤها ، والجملة حال من ضمير (فِيها).
والثالث ـ أن يكون (مَجْراها) في موضع رفع بالظرف ، والظرف حال من هاء : (فِيها).
ومن قرأ (مَجْراها وَمُرْساها) جعله اسم فاعل من أجراها الله فهو مجري ، وأرساها فهو مرسي ، وهو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو مجريها ومرسيها.
(إِلَّا قَلِيلٌ) مرفوع بفعل : (آمَنَ) ولا يجوز نصبه على الاستثناء ؛ لأن الكلام قبله لم يتم. والتعبير حصر بهم.
البلاغة :
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) كناية عن الرعاية والحفظ.
المفردات اللغوية :
(فَلا تَبْتَئِسْ) تحزن ، أي لا تغتم بهلاكهم ، وهذا يعني أن الله أيأسه أو أقنطه من إيمانهم ، ونهاه أن يغتم بما فعلوه من التكذيب والإيذاء. (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) من الشرك ، فدعا عليهم بقوله : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح ٧١ / ٢٦] فأجاب الله دعاءه. (الْفُلْكَ) السفينة ، ويطلق على الواحد والجمع. (بِأَعْيُنِنا) بحفظنا وعنايتنا ورعايتنا ، على طريق التمثيل. (وَوَحْيِنا) إليك كيف تصنعها. (الَّذِينَ ظَلَمُوا) كفروا بترك إهلاكهم والمقصود : لا تدعني برفع العذاب عنهم. (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) محكوم عليهم بالإغراق ، فلا سبيل إلى كفه.
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ) حكاية حال ماضية. (مَلَأٌ) جماعة. (سَخِرُوا مِنْهُ) استهزءوا به لعمله السفينة ، فإنه كان يعملها ، في برية بعيدة عن الماء ، فكانوا يضحكون منه ويقولون له : صرت نجارا بعد ما كنت نبيا. (قالَ : إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) أي سنهزأ بكم إذا أخذكم الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة ، ونجونا وتركناكم. وقيل : المراد بالسخرية : الاستجهال. (عَذابٌ يُخْزِيهِ) يذله ويفضحه. (وَيَحِلُ) ينزل. (عَذابٌ مُقِيمٌ) دائم وهو عذاب النار.