بالاستغفار ، ولا يدل هذا الأمر على سابقة ذنب ، مثل : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ ... وَاسْتَغْفِرْهُ) [النصر ١١٠ / ١ و ٣] ومعلوم أن مجيء نصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا ، ليست بذنب يوجب الاستغفار ، وقال تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [محمد ٤٧ / ١٩] وليس جميعهم مذنبين ، فدل ذلك على أن الاستغفار قد يكون بسبب ترك الأفضل.
لذا طلب نوح المغفرة من ربه ، فقال : (قالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ ..) أي قال نوح : رب إني التجئ إليك وأستعيذ بك وبجلالك أن أسألك ما ليس لي به علم صحيح ، وإن لم تغفر لي ذنب سؤالي هذا ، وترحمني بقبول توبتي وإنابتي ، أكن من الخاسرين أعمالا.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات العبر والعظات التالية :
١ ـ إجراء السفن في البحار بقدرة الله تعالى وإرادته ، وحفظه ورعايته.
٢ ـ لن يحقق العناد والاستكبار فائدة أو مصلحة لمن يتصف بهما ، فقد أغرق الله ابن نوح واسمه كنعان ، وقيل : يام ؛ لأنه كان كافرا ، ولم يستفد شيئا من الاعتصام بأعالي الجبال ، فإذا وقع العذاب العام على الكفار فلا مانع منه ؛ لأنه يوم حقّ فيه ذلك العذاب ، إلا من رحمهالله ، فهو يعصمه.
٣ ـ آية (وَقِيلَ : يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ...) في أعلى مستوى البلاغة والفصاحة والإيجاز ، لما فيها من التعبير عن قضايا كثيرة تحتاج إلى بيان صاف ، بعبارة محكمة موجزة ، محققة لأغراض عديدة ، وذات ألوان بيانية بلاغية وآفاق متنوعة.
٤ ـ إنما سأل نوح عليهالسلام ربه ودعا لإنجاء ابنه ، لوعده تعالى له بإنجاء أهله في قوله : (وَأَهْلَكَ) وترك قوله : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) بدليل