فمن يغتر بنسبه ولا يعمل بما يرضي ربه ، فهو جاهل بشرع الله ودينه ، قالصلىاللهعليهوسلم فيما رواه الترمذي : «يا معشر قريش لا يأتيني الناس بالأعمال ، وتأتوني بالأنساب».
٩ ـ إن غيرة الله على حرماته اقتضت تحذير الأنبياء من الأخطاء ولو كانت غير مقصودة. قال ابن العربي عن آية : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) : وهذه زيادة من الله وموعظة ، يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين ، ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين ، فقال نوح : (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) وهذه ذنوب الأنبياءعليهمالسلام ، فشكر الله تذلله وتواضعه.
١٠ ـ كان اعتذار نوح بمثابة توبة كاملة تتضمن عنصري حقيقة التوبة وهما : الأول ـ في المستقبل : وهو العزم على الترك ، وإليه الإشارة بقوله : (إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) والثاني ـ في الماضي : وهو الندم على ما مضى ، وإليه الإشارة بقوله : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ).
١١ ـ كان الطوفان عاما شاملا لكل الأرض ، في رأي المفسرين وأهل الكتاب ، ويؤيدهم ما يقول علماء الجغرافية من وجود بعض الأصداف والأسماك المتحجرة في أعالي الجبال ، وهي لا تكون إلا في البحر. والذي يجب اعتقاده أن الطوفان كان شاملا لقوم نوح الذين لم يكن في الأرض غيرهم ، وذلك في منطقة الشرق الأوسط ، أما أجزاء الكرة الأرضية الأخرى فلا يدل نص قاطع في القرآن على تغطيتها بالطوفان.