النصارى ، ومنهم من أثبت معبودا غير الله جمادا ، ليس بحي ولا عاقل ولا فاهم ، وهم عبدة الأوثان.
والفريقان وإن اشتركا في الضلال ، إلا أن ضلال الفريق الثاني أعظم ، فلما بين تعالى ضلال الفريق الأول ، تكلم في ضلال الفريق الثاني ، وهم عبدة الأوثان.
التفسير والبيان :
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) هذا عطف على قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) الذي هو عطف على قوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) أي واذكر أيها الرسول إبراهيم الصدّيق النبي ، خليل الرحمن ، أبا الأنبياء ، واتل خبره على الناس في الكتاب المنزل عليك ، فهو بالحجارة ، وفي ذلك إيناس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عما يلقاه من أذى قومه ، وغلظة عمه أبي لهب ، وفظاظة أبي جهل.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ : يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ ، وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) اذكر إبراهيم حين قال بلطف وعقل واع وبرهان قاطع لأبيه آزر : يا أبت ، لم تعبد ما لا يسمع دعاءك إياه ، ولا يبصر ما تفعله من عبادته ، ولا يجلب لك نفعا ، ولا يدفع عنك ضررا ، وهي الأصنام الجمادات.
(يا أَبَتِ ، إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ ، فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) أي يا أبي ، وإن كنت من صلبك ، وتراني أصغر منك ؛ لأني ولدك ، فاعلم أني قد اطلعت من العلم من الله ، على ما لم تعلمه أنت ولا اطلعت عليه ولا جاءك ، فاتبعني في دعوتي أرشدك طريقا سويا مستقيما موصلا إلى نيل المطلوب ، منجيا من كل مرهوب ومكروه.