والمراد بإضاعة الصلاة في الأظهر تركها بالكلام ، وعدم فعلها أصلا ، وجحود وجوبها. ويرى بعضهم كالشوكاني أن من أخر الصلاة عن وقتها ، أو ترك فرضا من فروضها ، أو شرطا من شروطها ، أو ركنا من أركانها ، فقد أضاعها.
لذا ذهب جماعة من السلف والخلف والأئمة ، كما الذي رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي وهو المشهور عن الإمام أحمد وقول عن الشافعي إلى تكفير تارك الصلاة ؛ للحديث : «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» والحديث الآخر الذي رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن بريدة : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر».
ثم استثنى الله تعالى من الجزاء المتقدم التائبين ، فقال :
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) أي لكن من تاب مما فرط منه من ترك الصلوات ، واتباع الشهوات ، فرجع إلى طاعة الله وآمن به وعمل عملا صالحا ، فأولئك يدخلهم ربهم الجنة ، ويغفر لهم ذنوبهم ؛ لأن «التوبة تجب ما قبلها» في حديث ذكره الفقهاء ، وفي الحديث الآخر الذي رواه ابن ماجه عن ابن مسعود : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» وأولئك أيضا لا ينقص من أجورهم شيء ، وإن كان العمل قليلا ؛ لأن أعمالهم السابقة ذهبت هدرا ، وصارت منسية ، تفضلا ورحمة من الله الكريم اللطيف الحليم.
وهذا الاستثناء كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَلا يَزْنُونَ ..) ثم قال تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً ، فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان ٢٥ / ٦٨ ـ ٧٠].