(وَرِءْياً) منظرا ، والمراد نضارة وحسنا ، مشتق من الرؤية ، والمعنى : فكما أهلكناهم لكفرهم ، نهلك هؤلاء.
(فَلْيَمْدُدْ) معناه الإخبار ، أي يمد ، أي يمهله بطول العمر والتمتع به ، والتمكن من التصرف في الحياة ، وهو جواب شرط : (مَنْ كانَ). (مَدًّا) أي يستدرجه في الدنيا. (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) هو غاية المد (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) تفصيل للموعود ، فإنه إما العذاب في الدنيا كالقتل والأسر وغلبة المسلمين عليهم ، وإما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الخزي والنكال ودخول جهنم (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) من الفريقين ، بأن عاينوا الأمر على عكس ما قدّروه وهو جواب الشرط (وَأَضْعَفُ جُنْداً) أنصارا أو أعوانا ، أهم وجندهم الشياطين أم المؤمنون وجندهم الملائكة؟.
(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) يزيد المهتدين بالإيمان بما ينزل عليهم من الآيات. وهي عطف على الجملة الشرطية المحكية بعد القول : (قُلْ : مَنْ كانَ ..) كأنه لما بيّن أن إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله ، أراد أن يبيّن أن قصور حظ المؤمن منها ، ليس لنقصه ، بل لأن الله عزوجل أراد به ما هو خير ، وعوضه منه.
(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) الطاعات التي تبقى آثارها ، ومنها الصلوات الخمس ، وقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر. (خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً) فائدة مما متّع به الكفرة من النعم الفانية التي يفتخرون بها (وَخَيْرٌ مَرَدًّا) مرجعا وعاقبة ، بخلاف أعمال الكفار. والخيرية هنا في مقابلة قولهم : أي الفريقين خير مقاما.
المناسبة :
بعد أن أقام الله تعالى الحجة على مشركي قريش المنكرين للبعث ، أتبعه مع الوعيد والتهديد بذكر شبهة أخرى لهم : هي أنهم قالوا : لو كنتم أنتم على الحق ، ونحن على الباطل ، لكان حالكم في الدنيا أحسن وأطيب من حالنا ؛ لأن الحكيم لا يليق به أن يوقع أولياءه المخلصين في العذاب والذل ، وأعداءه المعرضين عن طاعته في العز والراحة ، ولما كان الأمر بالعكس ، فإنا نحن المتمتعين بالنعمة ورفاهية العيش على الحق ، وأنتم الواقعون في الخوف والذل والفقر على الباطل!!
فرد الله عليهم بأن الكفار السابقين كانوا أحسن منكم حالا ، وأكثر مالا ،