ما قاله ، وقيل : عهدا : عملا صالحا ، فإن وعد الله بالثواب عليه كالعهد عليه. والمعنى : أن ما ادّعى أن يؤتاه وتألى عليه ، لا يتوصل إليه بأحد هذين الطريقين : إما علم الغيب ، وإما عهد من عالم الغيب ، فبأيهما توصل إلى ذلك؟
(كَلَّا) كلمة زجر أو ردع وتنبيه على أنه مخطئ فيما تصوّره لنفسه ، أي لا يؤتى ذلك (سَنَكْتُبُ) نأمر بكتب ، أو سنظهر له أنا كتبنا قوله. (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) سنطيل له العذاب الذي يستحقه ، أو نزيد عذابه ونضاعفه له ، لكفره وافترائه واستهزائه على الله ، ولذلك أكده بالمصدر (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) نرث منه ما يقول من المال والولد ، أي نسلبه منه بموته ، ونأخذه أخذ الوارث ، والمراد بما يقول : مدلوله ومصداقه : وهو ما أوتيه من المال والولد (وَيَأْتِينا فَرْداً) ويأتينا يوم القيامة لا يصحبه مال ولا ولد ، كان له في الدنيا ، فضلا عن أن يؤتى.
سبب النزول :
أخرج الأئمة منهم أحمد والشيخان (البخاري ومسلم) والترمذي والطبراني وابن حبّان عن خبّاب بن الأرتّ قال : كنت رجلا قينا ـ حدادا ـ وكان لي على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه ، فقال : لا ، والله ، لا أقضيك حتى تكفر بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : لا ، والله ، لا أكفر بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تموت ثم تبعث ، قال : فإني إذا متّ ثم بعثت جئتني ، ولي ثمّ مال وولد ، فأعطيك ، فأنزل الله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا ..) الآية.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى الدلائل على صحة البعث ، ثم أورد شبهة المنكرين وأجاب عنها ، أورد هنا ما قالوه على سبيل الاستهزاء ، طعنا في القول بالحشر والبعث.
التفسير والبيان :
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا ، وَقالَ : لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) أي ألا أخبرك بقصة هذا الكافر الذي تجرأ على الله وقال : لأعطينّ في الآخرة مالا وولدا. وإيراد هذه القصة على سبيل التعجب للبشر.