لا تعلم العبادة ، ويكونون أعداء لهم ، وأعوانا عليهم ، بخلاف ما ظنوا فيهم ، فيقولون : ما عبدتمونا ، كما قال تعالى : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا : رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ ، فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ، إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) [النحل ١٦ / ٨٦] ، وقال سبحانه : (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) [القصص ٢٨ / ٦٣] ، وقال عزوجل : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ، وَرَأَوُا الْعَذابَ ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) [البقرة ٢ / ١٦٦].
وبعد بيان حال هؤلاء الكفار مع الأصنام في الآخرة ، ذكر تعالى حالهم مع الشياطين في الدنيا ، فإنهم يسألونهم وينقادون لهم ، فقال :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي ألم تعلم أننا سلطنا الشياطين على الكفار ، وخلينا بينهم وبينهم ، ومكناهم من إضلالهم ، فهم يحركونهم إلى فعل المعاصي ، ويهيجونهم ويغرونهم ويغوونهم ، كما قال تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ، وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ، وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) [الإسراء ١٧ / ٦٤].
وهذا إثارة لعجب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من حال الكفار وإصرارهم على الكفر ، وتسلية له عن صدودهم وإعراضهم ، وتهوين الأمر على نفسه.
(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ، إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) أي فلا تعجل يا محمد على هؤلاء بأن تطلب من الله إيقاع العذاب بهم وإهلاكهم وإبادتهم بسبب تصميمهم على الكفر وعنادهم ، إنما نعد لهم أوقاتا معدودة ، ونؤخرهم لأجل معدود مضبوط هو انتهاء آجالهم ، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله ، أي فليس بينك وبين عذابهم إلا أوقات محصورة معدودة ، وكل آت قريب ، قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم ١٤ / ٤٢] الآية ، وقال