بإيمانهم (إِلَى الرَّحْمنِ) أي إلى دار كرامته وهي الجنة (وَفْداً) جمع وافد ، أي هم كما يفد الوافدون إلى الملوك لطلب الحوائج ، مكرّمين مبجّلين (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) بكفرهم (وِرْداً) جمع وارد أي مشاة عطاشى مهانين ، يساقون باحتقار وإذلال كما تساق البهائم.
(لا يَمْلِكُونَ) أي الناس (عَهْداً) هو شهادة أن لا إله إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أي التبري من الحول والقوة وعدم رجاء أحد إلا الله.
المناسبة :
بعد الكلام عن الحشر والنشر والبعث ، ردّ الله تعالى على عبّاد الأصنام الذين اتخذوا أصنامهم آلهة ، ليعتزوا بها يوم القيامة ، ويكونوا لهم شفعاء وأنصارا ينقذونهم من الهلاك ، فأبان تعالى أنهم سيكونون لهم أعداء. ثم بيّن سبب الضلال وهو وسوسة الشياطين ، وطلب إلى رسوله ألا يستعجل بطلب عذاب المشركين ، فما هي إلا آجال أو أنفاس معدودة ثم يهلكون.
ثم قارن تعالى بين وفد المتقين القادمين إلى الجنة ، وورد المشركين المشاة بإهانة إلى النار.
التفسير والبيان :
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) أي عجبا لهؤلاء الكفار بآيات الله ، يتمنون على الله الأماني ، ويتألون على الله تعالى ، مع أنهم كفروا وأشركوا بالله ، واتخذوا من دون الله آلهة ، ليكونوا لهم أنصارا وأعوانا ، وشفعاء عند ربهم يقربونهم إليه.
ولكن ليس الأمر كما زعموا ولا كما طمعوا ، فقال تعالى :
(كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ، وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) أي ليس الأمر كما ظنوا وتأملوا في أنها تنقذهم من عذاب الله ، بل ستجحد يوم القيامة هذه الأصنام المتخذة آلهة عبادة الكفار لها ، يوم ينطقها الله سبحانه ؛ لأن الأصنام جمادات