المفردات اللغوية :
(سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) الودّ : المودة والمحبة ، والمعنى : سيحدث لهم في القلوب مودة من غير تودد منهم ، يحبهم الناس ، ويتحابون فيما بينهم ، ويحبهم الله تعالى ، أي يرضى عنهم. (يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) أنزلناه بلغتك العربية ، والباء بمعنى على ، أو على أصله لتضمن «يسرنا» معنى (أنزلنا). (الْمُتَّقِينَ) الصائرين إلى التقوى بالإيمان والعمل الصالح. (وَتُنْذِرَ) تخوف (لُدًّا) جمع ألدّ : وهو الشديد الخصومة ، المجادل بالباطل ، واللد : هم كفار مكة. (وَكَمْ) أي كثيرا. (مِنْ قَرْنٍ) أي أمة من الأمم الماضية ، وهو تخويف للكفرة وتجسير للرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم على إنذارهم. (هَلْ تُحِسُ) تجد. (رِكْزاً) صوتا خفيا؟ لا ، والمعنى : فكما أهلكنا أولئك نهلك هؤلاء.
سبب النزول :
أخرج ابن مردويه والديلمي عن البراء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي كرم الله وجهه : «اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في صدر المؤمنين ودّا ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية».
المناسبة :
بعد أن رد الله تعالى على أصناف الكفار ، وأبان أحوالهم في الدنيا والآخرة ، ختم السورة بذكر أحوال المؤمنين ، وأوضح أنه سيغرس محبتهم في قلوب العباد ، من غير تودد منهم ، ولا تعرض لأسباب الوداد من قرابة أو صداقة أو اصطناع معروف أو غير ذلك.
ثم استأنف تعالى بيان تيسير القرآن بلسان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لما تضمنه في هذه السورة من دلائل التوحيد والنبوة والحشر والنشر ، وليبشر به وينذر.
ثم ختم السورة بموعظة بليغة وإنذار بإهلاك المشركين كما أهلك من قبلهم من الأمم ، فإنهم إذا علموا أنه لا بدّ من زوال الدنيا ، والموت ، خافوا ذلك ، وخافوا أيضا سوء العاقبة في الآخرة ، فكانوا إلى الحذر من المعاصي أقرب.