التفسير والبيان :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) أي إن الذين صدقوا بالله ورسله ، وعملوا صالح الأعمال من المفروضات والتطوعات ، وأحلوا الحلال وحرموا الحرام ، وفعلوا ما يرضي الله ، سيغرس الله محبتهم في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة. والصالحات : هي الأعمال التي ترضي الله عزوجل ، لمتابعتها الشريعة المحمدية.
أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إذا أحبّ الله عبدا نادى جبريل : إني قد أحببت فلانا فأحبّه ، فينادي في السماء ، ثم ينزل له المحبة في أهل الأرض. وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل : إني قد أبغضت فلانا ، فينادي في السماء ، ثم ينزل له البغضاء في الأرض» فاتفق الحديث مع الآية في إنزال المحبة في الأرض للعباد الصالحين ، وأن هذه المحبة والمودة في القلوب تكون بإحداث الله دون تعرض للأسباب المؤدية إلى إيجاد المودات من قرابة أو صداقة أو اصطناع معروف أو غير ذلك.
ثم استأنف الله تعالى كلامه لبيان موقع هذه السورة ، لما فيها من التوحيد والنبوة والحشر والنشر ، والرد على الفرق الضالة المضلة ، فقال : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) أي يسرنا القرآن لك بإنزالنا له على لغتك ، وفصلناه وسهلناه ، لتبشر به المتصفين بالتقوى ، المستجيبين لله ، المصدقين لرسوله ، بأن لهم الجنة بالطاعة ، وتنذر به القوم الألداء ، الشديدي الخصومة والجدل ، العوج عن الحق ، المائلين إلى الباطل ، بان لهم النار بالكفر والعصيان.
ثم ختم تعالى السورة بموعظة بليغة قائلا :