وكان إخفاء الساعة للتهويل والتخويف ، وترك المماطلة والتسويف في الإقبال على التوبة والعمل الصالح ، فإن الإنسان إذا جهل وقت الساعة كان منها على حذر وخوف. وهذا أيضا سبب إخفاء الله وقت الموت.
وإقامة الصلاة واجب في الوقت المخصص لها ، ويجب قضاؤها كما دلت الأحاديث النبوية المتقدمة في حالتي النوم والنسيان. وأما من ترك الصلاة متعمدا ، فالجمهور أيضا على وجوب القضاء عليه ، وإن كان عاصيا آثما بتأخيرها عن وقتها ، فالمتعمد آثم ، والناسي والنائم غير آثمين. وحجة الجمهور قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [البقرة ٢ / ٤٣] ولم يفرق بين أن يكون في وقتها أو بعده ، وهو أمر يقتضي الوجوب. وأيضا فقد ثبت الأمر بقضاء النائم والناسي ، مع أنهما غير آثمين ، فالعامد أولى. ثم إن النسيان هو الترك ، قال الله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [التوبة ٩ / ٦٧] و (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) [الحشر ٥٩ / ١٩] سواء كان مع ذهول أو لم يكن ؛ لأن الله تعالى لا ينسى ، وإنما معناه تركهم. وكذلك الذكر يكون بعد نسيان وبعد غيره ، قال الله تعالى لا ينسى ، وإنما معناه تركهم. وكذلك الذكر يكون بعد نسيان وبعد غيره ، قال الله تعالى في الحديث القدسي المتفق عليه عن أبي هريرة : «إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي» وهو تعالى لا ينسى ، فيكون ذكره بعد نسيان ، وإنما معناه : علمت ، فكذلك يكون معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا ذكرها» أي علمها.
وأيضا فإن ديون الآدميين إذا كانت متعلقة بوقت ، ثم جاء الوقت ، لم يسقط قضاؤها بعد وجوبها ، وهي مما يسقطها الإبراء ، فإذا شغلت الذمة بدين وجب إبراء الذمة منه ، أداء أو قضاء ، وديون الله أحق بالوفاء.
ثم إن ترك يوم من رمضان متعمدا بغير عذر يوجب القضاء ، فكذلك الصلاة (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١١ / ١٧٨.