من تبليغ رسالته ، ثم ذكره بنعمه السالفة عليه قبل النبوة ، وعد له ثماني نعم عظام وهي : إلهام أمه صنع صندوق وإلقاؤه وهو رضيع في النيل : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ). وإلقاء محبة الله عليه بحيث لا يراه أحد إلا أحبه : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي). وحفظ الله له ورعايته : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي). وعودته إلى أمه للرضاع والحضانة : (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها). ونجاته من القصاص بقتل القبطي : (فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ). وابتلاؤه بالفتن : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً). ومقاساته الفقر والغربة مع أهل مدين : (فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ). وتكليم الله له واختياره للنبوة والرسالة والهداية : (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى ، وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي).
التفسير والبيان :
أجاب الله تعالى في هذه الآيات دعاء موسى عليهالسلام ، وذكره بنعمه السالفة عليه ، فقال :
(قالَ : قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) أي قال الله عزوجل لموسى : قد أعطيتك ما سألته من الأمور الثمانية ، من شرح الصدر ، وتيسير الأمر ، وحل العقدة ، ونبوة هارون ، وشد أزره به ، وإشراكه في أمر الرسالة ، والتمكين من التسبيح الكثير ، والتذكر الكثير لله عزوجل.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) أي ولقد أحسنا وتفضلنا عليك بنعم سابقة كثيرة قبل النبوة وهي :
١ ـ (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى ، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ ، فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ، فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ، يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) أي مننا عليك حين ألهمنا أمك لإنقاذك من فرعون ، أن تضعك في تابوت (صندوق من خشب أو غيره) ثم تطرح هذا التابوت في البحر (اليم) وهو هنا نهر النيل ، وأمرنا النيل