بإلقائك على الشط قبالة منزل فرعون ، فأخذك فرعون عدو الله وسيصير عدوا لك في المستقبل. فبينا فرعون جالس على رأس بركة بالساحل إذ بالصندوق ، فأمر به ، فأخرج ، ففتح ، فإذا صبي جميل صبيح الوجه ، فأحبه حبا شديدا هو وزوجته ، كما قال تعالى :
٢ ـ (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) أي ألقيت عليك محبة كائنة مني في قلوب العباد ، لا يراك أحد إلا أحبك ، فأحبك فرعون وزوجه التي قالت : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ، لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) [القصص ٢٨ / ٩].
٣ ـ (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) أي ولتتربى بمرأى مني وفي ظل رعايتي.
٤ ـ (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ ، فَتَقُولُ : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ؟ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ) أي خرجت أختك تمشي على الشاطئ ، تسير بسير التابوت ، تتابعه بنظراتها لترى في أي مكان يستقر ، فوجدت فرعون وامرأته يطلبان له مرضعة ، فقالت : هل أدلكم على من يربيه ويحفظه؟ فجاءت بالأم ، فقبل ثديها ، وكان لا يقبل ثدي مرضعة أخرى غيرها ، فرددناك إلى أمك بألطافنا ، ليحصل لها السرور برجوع ولدها إليها ، بعد أن طرحته في البحر ، وعظم عليها فراقه.
٥ ـ (وَقَتَلْتَ نَفْساً ، فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ) أي قتلت القبطي الذي وكزته حين استغاث بك الإسرائيلي ، وكان قتلا خطأ ، فنجيناك من الغم الحاصل عندك من قتله خوفا من العقوبة ، بالفرار إلى مدين ، فنجوت من الحبس والقتل والتعذيب.
٦ ـ (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) أي اختبرناك مرة بعد مرة بما أوقعناك فيه من المحن المذكورة ، قبل أن يصطفيك الله لرسالته ، حتى صلحت للقيام بالرسالة لفرعون ولبني إسرائيل.