(إِنْ) أتى به على لغة بني الحارث بن كعب ، فإنهم يقولون : مررت برجلان ، وقبض منه درهمان ، وهي لغة من يأتي في المثنى بالألف في أحواله الثلاث.
وقيل : إن بمعنى «نعم» أي نعم هذان لساحران ، لكن فيه ضعف ، لدخول اللام في الخبر ، وهو قليل في كلامهم. وقرئ «إن هذين لساحران».
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) قرئ : أجمعوا بقطع الهمزة ووصلها ، ففي قراءة القطع نصب (كَيْدَكُمْ) ب (فَأَجْمِعُوا) على تقدير حذف حرف الجر ، أي فأجمعوا على كيدكم. فحذف حرف الجر ، فاتصل الفعل به فنصبه ، يقال : أجمع على كذا : إذا عزم عليه ، فحذف الجار من الآية ، كما في آية : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) [البقرة ٢ / ٢٣٥] أي على عقدة النكاح.
وعلى قراءة فاجمعوا بوصلها ، لم يفتقر إلى تقدير حذف حرف الجر ؛ لأنه يتعدى بنفسه.
(ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) مصدر في موضع الحال ، أي ائتوا مصطفين ، أو مفعول به ، أي ائتوا إلى صف ، والأول أوجه.
المفردات اللغوية :
(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) أدبر وانصرف عن المجلس. (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) أي جمع ذوي كيده من السحرة ، والكيد : ما يكاد به من السحرة وأدواتهم. (ثُمَّ أَتى) أي أتى بالموعد بهم. (قالَ لَهُمْ مُوسى) وهم اثنان وسبعون مع كل واحد حبل وعصا. (وَيْلَكُمْ) أي هلاك لكم. (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً) بأن تدعوا آياته سحرا ، وتشركوا أحدا مع الله. والافتراء : الاختلاق والكذب. (فَيُسْحِتَكُمْ) يهلككم. (بِعَذابٍ) شديد من عنده. (وَقَدْ خابَ) خسر. (مَنِ افْتَرى) كذب على الله ، كما خاب فرعون ، فإنه افترى واحتال ليبقى الملك معه ، فلم ينفعه.
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) فتفاوض السحرة وتشاوروا في أمر موسى ، حين سمعوا كلامه. (وَأَسَرُّوا النَّجْوى) بالغوا في إخفاء الكلام بينهم. (قالُوا) لأنفسهم. (وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) المثلى : مؤنث أمثل بمعنى أشرف ، أي يذهبا بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب ، بإظهار مذهبه وإعلاء دينه ، لقوله تعالى حكاية لقول فرعون : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) [غافر ٤٠ / ٢٦].
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) بهمزة القطع من أجمع أي أحكموا كيدكم الذي يكاد به ، وبهمزة الوصل من جمع ، أي لم (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي مصطفين ؛ لأنه أهيب في صدور الرائين. (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) فاز اليوم من غلب.