المناسبة :
بعد اتفاق موسى وفرعون على موعد المبارزة وهو يوم عيد لهم ، ذكر الله تعالى ما قام به فرعون من تدبير أمره بجمع السحرة وآلاتهم ، ثم ذكر ما حذرهم به موسى من عذاب شديد إن أقدموا على إبطال آيات الله ، فأوقع الخلاف بينهم ، وعقدوا المشاورات في خطتهم ، فاتفقوا على وحدة الصف أمام موسى وهارون اللذين يريدان الغلبة والتفوق على دينهم الذي هو في زعمهم أفضل الأديان.
التفسير والبيان :
(فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ ، فَجَمَعَ كَيْدَهُ ، ثُمَّ أَتى) أي انصرف فرعون وشرع في جمع السحرة من مدائن مملكته ، فجمع ما يكيد به من سحره وحيله وآلاته وأنصاره ، وقد كان السحر شائعا عندهم ، ثم أقبل في الموعد المعين ، وجلس في مكان خاص به مع كبار أعوانه ، كجناح العروض العسكرية المخصص اليوم لرئيس الدولة ، وجاء موسى مع أخيه هارون ، وجاءت السحرة ووقفوا صفوفا ، وبدأ فرعون يحرضهم ويستحثهم ويعدهم ، فتجرءوا أن يطلبوا منه الأجر ، كما قال تعالى: (قالُوا لِفِرْعَوْنَ : أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ ، قالَ : نَعَمْ ، وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٤٢] وعدهم فرعون بالجزاء المادي والأدبي ليتفانوا في إجادة عملهم ، ويتغلبوا على موسى عليهالسلام.
وشرع موسى في الإعلان عن رسالته ، فقال :
(قالَ لَهُمْ مُوسى : وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً ، فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) أي قال موسى لفرعون والسحرة : الهلاك والعذاب لكم إن اختلقتم على الله كذبا وزورا ، بأن تزعموا أن الذي جئت به ليس بحق ، وأنه سحر ، فيستأصلكم الله بعذاب شديد من عنده ، وقد خسر وهلك من افترى على الله أي كذب كان.