(قالَ : هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي ، وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) أي قال موسى مجيبا ربه : هم بالقرب مني ، واصلون بعدي ، وما تقدمتهم إلا بخطإ يسيرة ، وسارعت إليك رب لتزداد عني رضا بمسارعتي إلى الوصول إلى مكان الموعد ، امتثالا لأمرك ، وشوقا إلى لقائك. فهو عليهالسلام يعتذر بالخطإ في الاجتهاد.
(قالَ : فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) أي قال الله تعالى : إنا قد اختبرنا قومك بني إسرائيل من بعد فراقك لهم ، وهم الذين تركهم مع أخيه هارون ، وجعلهم موسى السامري في ضلالة عن الحق ، باتخاذهم عبادة العجل من ذهب.
والسامري من قبيلة السامرة ، أو من قوم يعبدون البقر ، والأكثرون أنه كان من عظماء بني إسرائيل من قبيلة السامرة ، قال لمن معه من بني إسرائيل : إنما تخلف موسى عن الميعاد الذي بينكم وبينه وهو عشر ليال ، لما صار معكم من الحلي ، وهي حرام عليكم ، وأمرهم بإلقائها في النار ، وكان منها العجل ، الذي يصدر منه صوت أحيانا بفعل تأثير الرياح.
(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) أي فعاد موسى إلى قومه بني إسرائيل بعد انقضاء الليالي الأربعين ، شديد الغضب والحنق ، والأسف والحزن والجزع.
(قالَ : يا قَوْمِ ، أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً؟) أي قال موسى : يا قوم أما وعدكم ربكم على لساني كل خير في الدنيا والآخرة وحسن العاقبة ، من إنزال الكتاب التشريعي العظيم لتعملوا به ، والنصر على عدوكم ، وتملككم أرض الجبارين وديارهم ، والثواب الجزيل في الآخرة بقوله المتقدم : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى).