السامري ، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار ، قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون ؛ فهو دين الكفار وعباد العجل ؛ وأما القضيب : فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى ؛ وإنما كان يجلس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أصحابه ، كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار ؛ فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها ؛ ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ، ولا يعينهم على باطلهم ؛ هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين ، وبالله التوفيق (١).
٤ ـ أجاب هارون معتذرا مبينا وجهة اجتهاده : وهي أنه خشي إذا خرج وتركهم ـ وقد أمره موسى بالبقاء معهم ـ أن تقع الفرقة بين بني إسرائيل ، وربما أدى الأمر إلى سفك الدماء ، وخشي إن زجرهم أن يقع قتال ، فيلومه موسى عليه ، وقد أوضح ذلك هنا بقوله : (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ : فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) وفي الأعراف قال : (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ، فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) لأنك أمرتني أن أكون معهم.
٥ ـ بعد عتاب هارون اتجه موسى للسامري سائلا : (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ؟) أي ما أمرك وما شأنك ، وما الذي حملك على ما صنعت؟ وقصده من سؤاله : انتزاع اعتراف منه بباطله.
قال قتادة : كان السامري عظيما في بني إسرائيل من قبيلة يقال لها «سامرة» ولكن عدو الله نافق بعد ما قطع البحر مع موسى ، فلما مرت بنو إسرائيل بالعمالقة ، وهم يعكفون على أصنام لهم (قالُوا : يا مُوسَى ، اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) فاغتنمها السامري ، وعلم أنهم يميلون إلى عبادة العجل ، فاتخذ العجل.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١١ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.