فقال السامري مجيبا لموسى : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) يعني رأيت ما لم يروا ؛ رأيت جبريل عليهالسلام على فرس الحياة ، فألقي في نفسي أن أقبض من أثره قبضته ، فما ألقيته على شيء ، إلا صار له روح ولحم ودم ؛ فلما سألوك أن تجعل لهم إلها ، زينت لي نفسي ذلك.
٦ ـ عاقب موسى عليهالسلام ذلك السامري الذي اعترف بأنه صنع العجل لهوى في نفسه ، فنفاه عن قومه ، وأمر بني إسرائيل ألا يخالطوه ولا يقربوه ولا يكلموه عقوبة له. قال الحسن البصري : جعل الله عقوبة السامري ألا يماس الناس ولا يماسوه ، عقوبة له ولما كان منه إلى يوم القيامة ؛ وكأن الله عزوجل شدد عليه المحنة ، بأن جعله لا يماس أحدا ، ولا يمكن من أن يمسه أحد ، وجعل ذلك عقوبة له في الدنيا.
ويقال : لما قال له موسى : فاذهب ، فإن لك في الحياة أن تقول : (لا مِساسَ) خاف فهرب ، فجعل يهيم في البرية مع السباع والوحش ، لا يجد أحدا من الناس يمسه ، حتى صار كالقائل : لا مساس ؛ لبعده عن الناس وبعد الناس عنه.
٧ ـ قال القرطبي : هذه الآية أصل في نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم وألا يخالطوا ، وقد فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك بكعب بن مالك وصاحبيه الذين خلفوا.
ومن التجأ إلى الحرم وعليه قتل لا يقتل عند بعض الفقهاء ، ولكن لا يعامل ولا يبايع ولا يشارى ، ليضطر إلى الخروج. ومن هذا القبيل : التغريب في حد الزنى.
٨ ـ وهناك عقاب آخر للسامري يوم القيامة ، وموعد لعذابه لا بد من مجيئه ، والصيرورة إليه ، ولا خلف فيه.
٩ ـ حرق موسى عليهالسلام بالنار العجل الذي اتخذه السامري. ثم ألقى