رماده في البحر ، وهذا هو الواجب المتعين في استئصال المنكر وتصفية جميع آثاره.
١٠ ـ طوى موسى عليهالسلام من تاريخ بني إسرائيل واقعة عبادة العجل التي طرأت في فترة زمنية قصيرة الأمد ، وقرر إلى الأبد مبدأ التوحيد ، وأوجب عبادة الله الذي لا إله إلا هو ، العليم بكل شيء ، وسع كل شيء علمه ، الخبير بأحوال المخلوقات الظاهرة والباطنة ، وهذه هي صفات الإله الحق المستحق للعبادة دون سواه.
١١ ـ لم يكن أخذ موسى برأس أخيه وبلحيته معصية قادحة بعصمة الأنبياء عليهمالسلام ، كما زعم بعض الطاغين ، وإنما كان هذا تعبيرا قويا عن إنكاره ، وغضبا لله لا لنفسه ، وهكذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يغضب لنفسه ، وإنما يغضب إذا انتهكت محارم الله. والغضب في هذا الموضع محمود غير مذموم ، ولا يستنكر ولا يستغرب ظهور أمارات الغضب على النفس ، وقد أجرى موسى عليهالسلام أخاه هارون مجرى نفسه ؛ لأنه كان أخاه وشريكه ، فصنع به ما يصنع الرجل بنفسه في حال الفكر والغضب ، فإن الغضبان المتفكر قد يعض على شفتيه ، ويفتل أصابعه ، ويقبض لحيته (١).
والدليل على ذلك أن هارون عليهالسلام عذر أخاه موسى عليهالسلام فيما فعل ، وكل ما في الأمر أنه استمهله وهدأ أعصابه ، ليبين له وجهة نظره ، ووجه اجتهاده.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٢ / ١٠٨.