غير زيادة ولا نقص ، لتكون سلوة لك عما تكره ، وبيانا لسيرة الأنبياء السابقين في مكابدتهم الشدائد مع أقوامهم لتتأس بهم ، ودلالة على صدقك ونبوتك ، مما يجعل في القصص عبرة وعظة ، ودرسا وفائدة.
(وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) أي هذا .. وقد أعطيناك من عندنا ذكرا ، وهو القرآن العظيم ، للتذكر به على الدوام ؛ لأنه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، ولأنه لم يعط نبي من الأنبياء قبلك مثله ، ولا أكمل منه ولا أجمع لخبر ما سبق ، وخبر ما هو كائن ، وفيه حكم الفصل بين الناس ، وكل ما هو صلاح للبشر في الدين والدنيا والآخرة ، وجميع مكارم الأخلاق ، ومناهج الحياة الفاضلة.
(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) أي كل من كذب به ، وأعرض عن اتباعه ، فلم يؤمن به ، ولا عمل بما فيه ، وابتغى الهدى في غيره ، يحمل إثما عظيما ، وعقوبة ثقيلة يوم القيامة بسبب إعراضه ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ ، فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود ١١ / ١٧].
وهذا عام في كل من بلغه القرآن من العرب والعجم أهل الكتاب وغيرهم ، كما قال تعالى في بيان مهمة رسوله : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام ٦ / ١٩] ، فكل من بلغه القرآن فهو نذير له ، وداع للإيمان به ، فمن اتبعه هدي ، ومن خالفه وأعرض عنه ، ضل وشقي في الدنيا ، والنار موعده يوم القيامة.
(خالِدِينَ فِيهِ ، وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) أي ماكثين مقيمين على الدوام في جزائه ووزره ، وهو النار ، لا محيد لهم عنه ولا انفكاك ، وبئس الحمل حملهم الذي حملوه من الأوزار ، جزاء إعراضهم.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ، وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) أي إن يوم القيامة هو اليوم الذي ينفخ فيه في الصور النفخة الثانية ، نفخة البعث التي يحشر الناس