يسرعون إلى إجابة الداعي إلى المحشر مع خشوع وخضوع ، دون أن تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن ورضي للشافع قولا لمكانه عند الله ، أو رضي للمشفوع له قولا.
التفسير والبيان :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ : يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) أي ويسألك المشركون أيها الرسول عن حال الجبال يوم القيامة ، هل تبقى أو تزول؟ فقل : يزيلها الله ويذهبها عن أماكنها ، ويدكها دكا ، ويجعلها هباء منثورا.
(فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) أي فيترك مواضعها بعد نسفها أرضا ملساء مستوية ، بلا نبات ولا بناء ، ولا انخفاض ولا ارتفاع ، فلا تجد مكانا منخفضا ولا مرتفعا ، ولا واديا ولا تلة أو رابية.
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ) أي حينئذ يتبع الناس داعي الله إلى المحشر ، مسارعين إلى الداعي ، حيثما أمروا بادروا إليه ، لا معدل لهم عن دعائه ، فلا يقدرون أن يميلوا عنه أو ينحرفوا منه ، بل يسرعون إليه ، كما قال تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) [القمر ٥٤ / ٨].
(وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) أي سكتت الأصوات رهبة وخشية وإنصاتا لسماع قول الله تعالى ، فلا تسمع إلا همسا ، أي صوتا خفيا.
(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ ، إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي في ذلك اليوم لا تنفع شفاعة أحد إلا من أذن له الرحمن أن يشفع ، ورضي قوله في الشفاعة ؛ لأن الله تعالى هو المالك المتصرف في الخلق جميعا في الدنيا والآخرة. ونظير الآية قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)