[البقرة ٢ / ٢٥٥] ، وقوله سبحانه : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) [النجم ٥٣ / ٢٦] ، وقوله عزوجل : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ، وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٢٨] ، وقوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا ، لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) [النبأ ٧٨ / ٣٨].
وعلة تقييد الشفاعة بالإذن والرضا هي :
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ، وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي يعلم ما بين أيدي عباده من أمر القيامة وأحوالها ، وما خلفهم من أمور الدنيا ، وقيل بالعكس : يعلم ما بين أيديهم من أمر الدنيا والأعمال ، وما خلفهم من أمر الآخرة والثواب والعقاب ، والمراد أنه تعالى يحيط علما بالخلائق كلهم ، ولا تحيط علوم الخلائق بذاته ولا بصفاته ولا بمعلوماته.
ورجح الرازي معنى أن العباد لا يحيطون بما بين أيديهم وما خلفهم علما ؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورات وهو (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ولأنه تعالى أورد ذلك مورد الزجر ليعلم أن سائر ما يقدمون عليه وما يستحقون به المجازاة معلوم لله تعالى (١).
(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ، وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) أي ذلت وخضعت واستسلمت جميع النفوس والخلائق لجبارها الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينام ، وهو قيم على كل شيء يدبره ويحفظه ، أي قائم بتدبير شؤون خلقه وتصريف أمورهم ، وقد خسر من حمل شيئا من الظلم والشرك. وخص الوجوه بالذكر ؛ لأن الخضوع بها يبين وفيها يظهر. جاء في الحديث الصحيح : «إياكم
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٢ / ١١٩