المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصبر على ما يقوله المشركون ، وأمره بأن يعدل إلى التسبيح والتحميد ، وأتبع ذلك بنهيه عن مدّ عينيه إلى ما متع به القوم ، ذكر هنا بعض أقاويلهم الباطلة ، ومنها ادعاؤهم أن القرآن ليس بحجة ولا معجزة تدل على نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم أوضح لهم أنهم يوم القيامة سيعترفون بأنه آية بيّنة ، وأنه لو أهلكناهم لطلبوا إرسال ، ثم هددهم وأوعدهم بما سيؤول إليه الأمر في المستقبل ، ويتميز المحق من المبطل.
التفسير والبيان :
كان المشركون يكثرون من اقتراح الآيات على النبي للتعجيز والعناد والمضايقة بسبب عدم إيمانهم ، وعدم الاكتفاء بالمعجزات التي يرونها ، فقال تعالى واصفا تعنتهم :
(وَقالُوا : لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ ، أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) أي وقال الكفار المشركون : هلا يأتينا محمد بآية من ربه دالة على صدقه في أنه رسول الله ، كما كان يأتي بها من قبله من الأنبياء ، من الآيات التي اقترحناها عليه؟ مثل ناقة صالح وعصا موسى ، وإحياء عيسى الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، فأجابهم الله : ألم يأتهم القرآن المعجزة الباقية الخالدة ، وهو البينة والشاهد على صحة ما في الكتب المتقدمة ، كالتوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب المنزلة المشتملة على العقيدة والأحكام التشريعية ، وفيها التصريح بنبوته والتبشير به ، فإن هذه الكتب المنزلة هم معترفون بصدقها وصحتها ، وفيها ما يدفع إنكارهم لنبوته ، ويبطل تعنتاتهم وتعسفاتهم؟!
ونظير الآية قوله تعالى : (وَقالُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ ، قُلْ : إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ